بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
(حمدك اللهم بالعجز عن أداء ما يليق بك من وجود حمدك ، ونشكرك بإفضاء الفكر إلى أنه لا يعلم ما يناسبك من ذلك أحد من بعدك ، ونخنع إليك خنوع الفقير ، ونسجد لك بمسجد العقل على تراب الذل بسجود الوضيع الحقير ، ونشهد أنك الله الذي تبرم الأحكام ، وتبرز من معين القدرة أعجب الإتقان والإحكام ، حتى أنك جعلت العقول كالأجسام قبائل وشعوبا ، وجعلت حالها شرفا وضده لما تعلقت به معزوا ومنسوبا ، وشرفت بيت الجسم بشرف ساكنه ، وأثبت له من العز بحسب قائده وراسنه ، حتى قال رسولك صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه رضي الله عنهم، :"الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "، فجعلت فضيلة الإنسان بفضيلة عقله وشفوفه بقدر دنوه منك ، وقرب محله إذ المقصود من الفقه أطوار الأعمال ، والمعتبر من الأعمال أنوار الأحوال ، ولايشرق نور حال شهودك إلا على عقل توليته في السابقة بالعناية ، وجعلت له في اللاحقة التعلق بك بداية ، والوصول إليك نهاية ، فصار هذا العقل مالك العقول، والخليفة عنك فيما يفعل ويقول ، فكل من أقبل عليه من العقول أقبل عليك ، وكل من نظر إليه نظر عطف أصبح مجذوبا إليك ، سطوة إلهية ، وخصوصية رحمانية ، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد المبعوث لسطوع نوره من عشية نهار وجود الدنيا بمغربة من الليل، والقائل :" إذا أخرج الجهنمي بعد إحراقه ينبت كما تنبت الحبة في حميل السيل " ، إشارة لطيفة إلى أن محرق الخواطر لا يضره أن ينبت ضعيفا لأنه لا يزال يقوى بذكرك والانحياز بالذاكرين لك ، حتى ينال من حزبك منزلا شريفا، وعلى آله أغصان دوحته ، وأصحابه حماة دينه وملته ...وبعد.....