مواضيع المدونة

الثلاثاء، أبريل 17، 2012

ما افاده الكمل من ضبط كليات مهمات العلم والعمل وفيه طرق الجزء الأول


 بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على سيدنا محمد و آل سيدنا محمد


قال سيدي محمد بن حمزة الدمشقي الفناري  المعروف بآق شمس الدين قدس سره فيما افاده الكمل من ضبط كليات مهمات العلم والعمل وفيه طرق في كتابه مصباح الأنس بين المعقول والمشهود:





120 - 2 منها ما اختاره الإمام أبو حامد الغزالي في القسم الثاني من كتاب جواهر القرآن وهو أربعون بابا، عشرة في العقائد وعشرة في العبادات الظاهرة وعشرة في الأعمال الباطنة المسماة بالمهلكات، وعشرة في الباطنة المسماة بالمنجيات (2).

 (٢) - استنسخ هذا الشكل من كتاب جواهر القرآن:
القسم الأول في حمل العلوم وأصولها وهى عشرة:
الأول في الذات - الثاني في التقدير - الثالث في القدرة - الرابع في العلم - الخامس في الإرادة - السادس في السمع - السابع في الكلام - الثامن في الافعال - التاسع في اليوم الآخر - العاشر في النبوة.
القسم الثاني في الأعمال الظاهرة وهى عشرة أصول:
الأول في الصلاة - الثاني في الزكاة - الثالث في الصيام - الرابع في الحج - الخامس في القرآن- السادس في ذكر الله تعالى في كل حال - السابع في طلب الحلال - الثامن في القيام بحقوق المسلمين - التاسع في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر - العاشر في اتباع السنة.
القسم الثالث في تزكية القلب عن الأخلاق المذمومة وأصولها عشرة:
الأول في شره الطعام - الثاني في شره الكلام - الثالث في الغضب - الرابع في الحسد - الخامس في البخل - السادس في الرعونة - السابع في حب الدنيا - الثامن في الكبر - التاسع في العجب - العاشر في الرياء.
القسم الرابع في الأخلاق المحمودة وهى عشرة أصول:
الأول في التوبة - الثاني في الخوف - الثالث في الزهد - الرابع في الصبر - الخامس في الشكر - السادس في الاخلاص والصدق - السابع في التوكل - الثامن في المحبة - التاسع في الرضاء - العاشر في ذكر الموت.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


121 - 2 ومنها ما اختاره وهو أيضا في اخر كتاب صنفه يسمى بمنهاج العابدين، وهو مشتمل على سبع عقبات يحصل لمن قطعها تهذيب الباطن من المردئات (1) 122 - 2 ومنها ما للشيخ رضي الله عنه في مواقع النجوم جعل فيه كل فضيلة نتيجة التوفيق المقسوم، قال: التوفيق تفعيل من الموافقة، وهو معنى تقوم بالنفس عند كل فعل يمنعه من المخالفة للحد المشروع له فيه، فمطلوب الانسان على الحقيقة كمال التوفيق وهو استصحابه له في جميع أحواله، وإذا كمل فهو المعبر عنه بالعصمة، وذلك بعناية الله للعبد قبل كونه المشار إليه بقدم الصدق في قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم (2 - يونس) فهو قائد إلى كل فصيلة وباعث لطلب الاستقامة الهادي إلى سبيل السلامة، فمن دعا لك في جميع الأحوال ما ترك لك شيئا من الخير والكمال.
123 - 2 وللتوفيق بداية ووسط وغاية: فبدايته الاسلام، يعنى الانقياد الكلى المستجمع لمقامات التفويض والتوكل والتسليم والرضاء، ووسطه الايمان، أعني التصديق بكل ما جاء به الرسول على مراد الله ورسوله، وغايته الاحسان على مراتبه.
124 - 2 فالاسلام يحفظ الدماء والأموال، والايمان يحفظ النفوس من ظلم الضلال والاضلال، والاحسان يحفظ الأرواح من رؤية الأغيار والاظلال ويهبها الحياء والمراقبة على الكمال، فيحصل بها للنفس التنعم بشهوات الجنان، وللعين لذة مشاهدة الرحمن، وللروح التنعم بحقائق الامتنان.
125 - 2 مبدئه يفنيك عن حسك، ووسطه عن نفسك، وغايته يجود إليك بشمسك،

(1) - استنسخ هذا الشكل من كتاب منهاج العابدين: العقبة الأولى: عقبة العلم - العقبة الثانية: عقبة التوبة - العقبة الثالثة: عقبة العوائق (الف) - العقبة الرابعة: عقبة العوارض - العقبة الخامسة: عقبة البواعث (ب) - العقبة السادسة: عقبة القوادح (ت) - العقبة السابعة عقبة الحمد والشكر.
(الف) الدنيا والخلق والشيطان والنفس.
(ب) الرجاء والخوف.
(ت) الرياء والعجب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مبدئه يعطيك الكرامات المسماة بخرق العادات، ووسطه يفيدك الفناء عن الصفات بشهود فناء الكل في أحدية الذات، واخره يفيدك التنعم بمشاهدة الذات التي هي نهاية اللذات.
126 - 2 فلكل من المبتدى والمتوسط والمنتهى توفيق على حدة وهو هذا الشكل الجامع لأقسام التوفيق على ما وصفه الشيخ الكبير أستاذ التحقيق، وقد عين الوظائف الاسلامية لامام عالم الشهادة وسماها بالمواقع، والايمانية لامام عالم الجبروت والملكوت، والاحسانية للقطب الجامع وسماها بالمطالع.
127 - 2 ثم قال: والناس في نتائج التوفيق قسمان: منهم من يحصل له على الكمال - وهو القطب صاحب الوقت - ومنهم من ينتهى به إلى حيث قدره العليم الحكيم، والتوفيق (1) إذا صح وذلك (2) بتحصيل العلم المشروع بالحق والخلق والشرع وطريق النجاة، انتج الإنابة وهى الرجوع من المخالفات والمعاصي بالباطن ومن غير الحق إلى الحق، فهي علامة صحة التوفيق.
128 - 2 ثم نتيجة (3) الإنابة وعلامتها التوبة، وهى الرجوع من المخالفات بالظاهر بتركها في الحال والندامة على ما مضى، ثم نتيجة التوبة وعلامتها الحزن، وهو حالة إذا قامت بالعبد اشغله عن غير الحق، ثم نتيجة الحزن الخوف عن فوات الوقت، فالحزن على ضياع الماضي والخوف للحال والمستقبل، ونتيجة الخوف الاستيحاش عن الأغيار وما سوى الحق تعالى، ونتائجه كثيرة - كالزهد والفرار (4) - 129 - 2 ومنها الخلوة، ونتيجة الخلوة الفكرة في حصول موجبات الوصول، والفكر ينتج ذكر المطلوب، والذكر ينتج الحضور مع المذكور، فدوام الذكر ينتج دوام الحضور وهو دوام المراقبة، ودوامها ينتج الحياء من الحق في ارتكاب ما لا يرضيه، وهو ينتج

(1) - مبتداء خبره جملة: انتج الإنابة - ش (2) - أي صحة التوفيق - ش (3) - مبتداء خبره التوبة، ويحتمل منها عطف على النتيجة وكذلك قوله: نتيجة التوبة وعلامتها الحزن - ش (4) - أي إلى الله تعالى حيث قال:
ففروا إلى الله.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الأدب مع الله تعالى وهو حط اليدين (1): الغلو والجفاء، والأدب ينتج مراعاة الحدود الشرعية، وهو ينتج القرب المنتج للوصال المنتج للانس مع الله تعالى المنتج للادلال والانبساط، وهو ارسال السجية والتحاشي عن وحشة الحشمة (2)، والادلال ينتج السؤال المنتج للإجابة، ويسمى جميع هذه المقامات المعرفة، هذا ما فيه وتتميم المقامات الكلية فيما نذكره (3).
130 - 2 ومنها ما جمعه الشيخ علم الهداية قطب العارفين محمد بن عبد الله الأنصاري الهروي في منازل السائرين وهذه صحيفتها (4).

(١) - حفظ الحد بين - حط الحدين - ن - ع - ل - حفظ الحدين - ط - أي حفظ لحدود المعينة في الشرع والعقل المنور مع الحق والخلق من غير زيادة فيقع في الغلو، كما فعلت النصارى في حق المسيح والنصيرية في حق أمير المؤمنين عليهما السلام، ومثل الدقائق المذمومة في العبادات، كالوضوء والغسل والتيمم وغيرها ولا ينفع الانسان فيقع في الجفاء، كما في التاركين للعبادات والمرتكبين للفسق والفجور المضيعين لحقوق الناس الهالكين لحرمتهم واعراضهم - ش (٢) - أي ترك الطبيعة على حالها من غير حصول الهيمان والوحشة الحاصلة في بدو الامر عند ملاقاة المحبوب، فان في ملاقاة المعشوق وحشة وهيمانا ابتداء يرفع عند الانس - خ (٣) - بصيغة المتكلم مع الغير، أي في قوله: اعلم أن النفس الانسانية هيئة اجتماعية - إلى اخره، اعلم أن الفاضل الشارح ذكر أولا في هذا الفصل الخامس الذي ابتدأه لإفادة ما افاده الكمل هي ضبط كليات مهمات العلم والعمل طرقا أربعة: الأولى ما اختاره حجة الاسلام أبو حامد محمد الغزالي في القسم الثاني من كتاب جواهر القرآن، الطريقة الثانية ما اختاره الغزالي أيضا في كتاب منهاج العابدين، والطريقة الثالثة ما اختاره الشيخ الأكبر محي الدين العربي في مواقع النجوم، والطريقة الرابعة ما اختاره الشيخ قطب العارفين محمد بن عبد الله الأنصاري في منازل السائرين، وصور كل واحد مما اختاره من الطرق يشكل للتسهيل والتفهيم ولكن الاشكال الثلاثة لم تكن موجودة في النسخة التي تكون عندنا وانا أيضا لم نتكلف في تعيين الاشكال وترسيمها لاحتمال وقوع الاختلاف ولعدم الاحتياج في فهم المرام إليها، ثم ذكر في بيان المنازل والمقامات كلاما طويلا مشتملا على التحقيق والتدقيق ومع كونه طويلا في غاية الاختصار والاعتدال وهو مأخوذ من كلام الشيخ سعد الدين الفرغاني في شرح القصيدة بقوله: اعلم أن النفس الانسانية - إلى اخره، جزاه الله أحسن الجزاء - ش (٤) - استنسخ هذا الشكل من شرح منازل السائرين:
قسم البدايات وهو عشرة أبواب: اليقظة - التوبة - المحاسبة - الإنابة - التفكر - التذكر - الاعتصام - الفرار - الرياضة - السماع.
قسم الأبواب وهو عشرة أبواب: الحزن - الخوف - الاشفاق - الخشوع - الاخبات - الزهد - الورع- التبتل - الرجاء - الرغبة.
قسم المعاملات وهو عشرة أبواب: الرعاية - المراقبة - الحرمة - الاخلاص - التهذيب - الاستقامة - التوكل - التفويض - الثقة - التسليم.
قسم الأخلاق وهو عشرة أبواب: الصبر - الرضاء - الشكر - الحياء - الصدق - الايثار - الخلق - التواضع - الفتوة - الانبساط.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

131 - 2 اعلم أن النفس الانسانية هيئة اجتماعية من البخار الضبابي والقوة الحيوانية المسمى ذلك البخار بها روحا حيوانيا ومن الأثر الروحاني الذي به بائن سائر الأرواح الحيوانية، وقد حجبت عن أصل فطرة (1) ذرتها الجسمانية المجيبة ب‍ (بلى) (172 - الأعراف) واتينا طائعين (11 - فصلت) وكذا فطرة روحانيتها بحكم خواص التطويرات واحكام التعويقات وغلبة احكام الطبيعة والحيوانية عليها، فغفلت عن أصل فظرتها، متوجهة إلى حظوظها المختصة بالنشأة الحسية العاجلة، فكانت كالنائم المعرض عن المحسوسات الثابتة، غافلا عنها، مقبلا على الخيالات الزائلة، وكان حكم هذه الغفلة شاملا حقيقة السر الإلهي الوجودي وحقيقة الأثر الروحاني وحقيقة النفس الانسانية الحيوانية، وبحكم غلبة احكام الكثرة على هذه الحقائق الثلاثة انحرفت اخلاقها وأوصافها اما إلى تفريط أو افراط، وخفى لذلك اثر القلب الوحداني الاعتدال في كل منها، بل استهلك بالنسبة إلى بعض الاشخاص استهلاك الصورة في الممسوخين. (2).
132 - 2 ثم إن بعض القلوب انجذب سره الوجودي المفاض على حقيقته واستتبع الأثر

- قسم الأصول وهو عشرة أبواب: القصد - العزم - الإرادة - الأدب - اليقين - الانس - الذكر - الفقر - الغنى - المراد.
قسم الأودية وهو عشرة أبواب: الاحسان - العلم - الحكمة - البصيرة - الفراسة - التعظيم - الالهام - السكينة - الطمأنينة - الهمة.
قسم الأحوال وهو عشرة أبواب: المحبة - الغيرة - الشوق - الغلق - العطش - الوجد - الدهش - الهيمان - البرق - الذوق.
قسم الولايات وهو عشرة أبواب: اللحظ - الوقت - الصفا - السرور - السر - النفس - الغربة - الغرق - الغيبة - التمكن.
قسم الحقائق وهو عشرة أبواب: المكاشفة - المشاهدة - المعاينة - الحياة - القبض - البسط - السكر - الصحو - الاتصال - الانفصال.
قسم النهايات وهو عشرة أبواب: المعرفة - الفناء - البقاء - التحقيق - التلبيس - الوجود - التجريد - التفريد - الجمع - التوحيد.
(1) - أي عن نحو وجودها المثالي الجسماني الذي يكون لها في عالم المثال المطلق المسمى بلسان الشرع بعالم الذر - ش - فطرة ذاتها - ل (2) - بالحاء المهملة، أي الصورة التي محي اثارها، ويحتمل ان يكون بالمعجمة، أي المسوخة التي تبدلت عن صورتها الأصلية - خ - الممسوخين - ل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الروحاني، والنفس الانسانية بحكم ظهور اثر، قبل من قبل - لا لعلة - ورد من رد - لا لعلة - وبموجب جذبة من جذبات الحق توازي عمل الثقلين، وكان من الأولياء الذين أخرجهم من الظلمات إلى النور بلا سعى وتعمل، وبعضهم ظهر له النور الايماني من باطنه ثم رأى عينه، ومظهريه الروحاني والنفساني، مسجونين في سجن التلبس باحكام الطبيعة واثار الحجب، فقال منبها لمظهريه عن نومة الاعراض عن الحقيقة والاستجابة للجبار:
يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار (39 - يوسف) فتنبهت النفس الانسانية بباطنها وباطن باطنها عن نومها وأحست بنقصانها وتضييع زمانها فقالت: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله (56 - الزمر) فأحست بحكم هذا التنبيه انه وجب عليها ثلاثة أمور مهمة:
133 - 2 أولها الاخذ في السير عن مقار احكام عاداتها ولذاتها الفانية الطبيعية بملازمة الامر والنهى في جميع حركاتها قولا وفعلا، وهذا متعلق بمقام الاسلام.
134 - 2 وثانيها دخول النفس من حيث باطنها في الغربة بالانفصال عن ذلك المحل والاتصال باحكام وحدة باطنية من الأخلاق الملكية الروحانية، وذلك متعلق بمقام الايمان.
135 - 2 وثالثها حصول النفس من حيث سرها على المشاهدة الجاذبة إلى عين التوحيد بطريق الفناء عن احكام الحجب والقيود الطارئة بالتلبس باحكام المراتب حين التنزل، وذلك متعلق بمقام الاحسان.
136 - 2 اما الاخذ في السير فمنقسم إلى ثلاثة أقسام، كل قسم يتضمن أمورا كلية مسماة بالمقامات لإقامة النفس في كل منها لتحقيق ما تحت حيطتها المتناوبة (1) على النفس المسماة أحوالا لتحولها، وذلك (2) لان للنفس ثلاثة وجوه:
137 - 2 الأول وجه توجهها بقواها التي تدبير البدن وتوطينه إلى ما فيه نفعه

(1) - قوله: المتناوبة وقوله: المسماة صفتان - ش (2) - أي الانقسام إلى الأقسام الثلاثة - ش


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عاجلا أو آجلا على وجه جميل، أي على وفق الشريعة، فيسمى مقامات السير، وهذا الوجه بدايات (1) فإنه بداية الاخذ في استعداد السير.
138 - 2 الثاني وجه توجهها إلى عينها بتعديل صفاتها وتسكين حدتها وثباتها، وهذا باب دخولها من الظاهر إلى الباطن فيسمى قسم الأبواب (2).
139 - 2 الثالث وجه توجهها إلى باطنها - أعني الروح والسر الرباني - واستمدادها منها في إزالة الحجب وقبوله المدد، ولهذا يسمى قسم المعاملات (3)، وملاك مقامات كل قسم ثلاث، والباقي متممات.
140 - 2 فاهم قسم البدايات التوبة، وهى الرجوع من المخالفة إلى الموافقة ومن الظاهر إلى الباطن، ويدخل فيه اليقظة والإنابة والمحاسبة.
141 - 2 وثانيه الاعتصام بحبل الله، وهو التمسك بأمره ونهيه وتأسيس أقواله وافعاله وأحواله عن يقين على الشريعة ويدخل فيه التفكر والتذكر والسماع، فالاعتصام بالله التوفيق لجمع أسمائه وصفاته وتعلقا في الاسلام وتخلقا في الايمان وتحققا في الاحسان.
142 - 2 وثالثه الرياضة، وهى إزالة الشماس عن النفس بقطع مألوفاتها ومخالفة مراداتها، وأعظم أركانها دوام الملازمة على ذكر لا إله إلا الله على العموم (4) أو ذكر اخر لإزالة قيد حجاب معين عن تلقين مرشد ليكون اثره في إزالة ظلمة الحجب أقوى، وعن حضور ودفع كل خاطر (5) حتى خاطر الحق، ومنع كل تفرقة وتوجه ساذج عن العقائد

(١) - قسم البدايات: اليقظة - التوبة - المحاسبة - الإنابة - التفكر - التذكر - الاعتصام - الفرار - الرياضة - السماع. (٢) - قسم الأبواب: الحزن - الخوف - الاشفاق - الخشوع - الاخبات - الزهد -الورع - التبتل - الرجاء - الرغبة. (3) - قسم المعاملات: الرعاية - المراقبة - الحرمة - الاخلاص - التهذيب - الاستقامة - التوكل - التفويض - الثقة - التسليم. (4) - أي لإزالة مطلق الحجاب - ش - أي ذكرا عاما في جميع حالاته من غير أن يكون مقامه مقام هذا الذكر، فان هذا المقام لا يحصل له الا في قسم النهايات، والحاصل ان هذا الذكر في هذا المقام ليس ذكرا للذاكر، بل وسيلة إلى إزالة الحجاب - خ (5) - أي على ما يعتقده - ش


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


على اعتقاد ما يعلم الحق نفسه بنفسه في نفسه ويعلم كل شئ وعلى ما يفهمه رسوله من ربه، ويدخل فيها باب الفرار والمجاهدة والمكابدة.
143 - 2 ثم نقول: إذا صارت هذه الثلاثة ملكة النفس يستعد للدخول في قسم الأبواب الذي ملاك مقاماته أيضا ثلاثة:
144 - 2 أهمها الزهد، وهو الاعراض عما هو خارج عن ذاته من الاعراض والاغراض الظاهرة أولا، وعن الباطنة ثانيا، وعن كل ما هو غير ثالثا، ويتضمن الرجاء والرغبة والتبتل.
145 - 2 وثانيها الورع وهو الاحتراز عن كل ما فيه شوب انحراف شرعي أو شبهة مضرة معنوية، ويتضمن القناعة، وانه (1) صورة التقوى.
146 - 2 وثالثها الحزن على ما فات من الكمالات وأسبابها، ويتضمن الخوف والحذر والاشفاق والخشوع والاخبات.
147 - 2 ثم نقول: وبتملك ناصية هذه الثلاثة يستحق المعاملة اعطاء من حظوظها واخذا من حقوقها.
148 - 2 فاهم مقامات المعاملة الاخلاص، وهو تصفية كل عمل قلبي أو قالبي من كل شوب، ويتضمن التهذيب والاستقامة.
149 - 2 وثانيها المراقبة وهى دوام ملاحظة المتوجه إليه ظاهرا وباطنا، ويندرج فيه الرعاية والحرمة.
150 - 2 وثالثها التفويض، وهو كلة الأمور كلها قبل الرجوع وبعده إلى مجريها، علما بأنه اعلم بمصالحها وأشفق عليها وأقوى، وذلك لسبب هو التوكل، وبلا سبب هو الثقة، وفي مقابلة مزاحمة العقل والوهم هو التسليم.
151 - 2 فإذا تحققت النفس بهذه المقامات مع المداومة على الذكر بجمع الهمم ودفع الخواطر، يزول عنها احكام الكثرة ويظهر اثر وحدة جمعيتها، وهو القلب المختص بالنفس

(١) - أي الورع مظهر التقوى - ش

يتبع

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق