مواضيع المدونة

الثلاثاء، مايو 06، 2008

علامات القطب عند صاحب الغوثانية مع شرح للعارف بالله بنعجيبة


بسم الله الرحمن الرحيم




اللهم صلي على من منه انشقت الأسرا ر , وانجلت الأنوار , ولمقدمه الشريف هطلت أنوار الأمطار , وتبلجت مصابيح الدجى بسطوع شمس الضيا وتفتق الأنهار , وجريان السلسبيل العذب المعطار, وعلى آله بذور الهدى الأنوار المعصومين الأطهار وعلى ذرياتهم حاملي المشعل والنور و الأنوار, وسلم تسليما كثيرا على الأبرار, الأباة الأحرار , في كل زمان ومكان بالاستغراق التام في شهود المنة والطول والحول والوحدانية لك يا ألله , يا خالق النهار والليل الأليل بكثرة الصلاة على المدلل , الدال عليك بقدرتك في سحائب رحمتك بعلمك بالنملة الصماء في الليل الأليل
وسلم تسليما كثيرا

لما كان القطب من دائرة مولانا أبي الحسن الشاذلي عليه السلام الخصوصية ربانية لهذه الطريقة العلية، كان لا بد لنا أن نبحث في معنى هذه المادة، لنضعها مركزا لهذا المبحث، ولم أجد بدا من إيراد علاماته من كلام الغوث الأعظم مولانا أبي الحسن الشاذلي عليه السلام على لسان شارح هذا الكلام أبي العباس بنعجيبة الشاذلي قدس الله سره، فاكتفيت بالتعليق فقط

أما بعد

قال بنعجيبة الشاذلي قدس الله سره في كتابه منازل السائرين والواصلين، وأسرار علم الحقيقة، ودوائر الحضرة، وأصناف الأولياء البررة:

(للقطب علامات يعرف بها،قال أبي الحسن الشاذلي عليه السلام: للقطب خمسة عشر كرامة، فمن ادعاها أو شيءا منها فليبرز بمدد الرحمة والعصمة، والخلافة، والنيابة، ومدد حملة العرش العظيم، ويكشف له عن حقيقة الذات،وإحاطة الصفات، ويكرم بالحكم والفصل بين الوجودين وانفصال الأول عن الأول، وما انفصل عنه إلى منتهاه، ما ثبت فيه، وحكم ما قبل وحكم ما بعد، وما لا قبل ولا بعد، وعلم البدء: وهو علم المحيط بكل علم وبكل معلوم،وما يعودإليه اهـــ।

فأشار عليه السلام إلى العلامة الأولى بقوله: فيبرُز بمدد الرحة، يعني يكون متخلقا باسمه الرحيم، فتشمل رحمته البر والفاجر، والمؤمن و الكافر، فجميع الوجود داخل تحت رحمانيته، وهو في ذلك على قدم موروثه صلى الله وسلم وعلى آله، متخلقا مع عباد الله بأخلاق رسول الله صلى الله وسلم وعلى آله، صاحب عقل وخلق، وحلم وعفو، وصدق وأمانة، وعفة وعدل، وزهد وتواضع، وصبر وشكر، وجود وشجاعة، وحياء ومروءة، وهمة وتودد، ووقار وشفقة ونصيحة، إلى غير ذلك من الأخلاق السَنية।

قلت: وقد شاهدت من يدعي أنه يمد بهذا المدد ويتودد إلى خلق الله بالرحمة وما هو إلا استدراج؛ أولا لأن قصده ليس ربانيا، إذ لا يقوم بذلك إلا ليقول الناس إنه من أهل الله، ثانيا إذ أنه لم يتحقق بذلك المقام يكون عونا للشياطين والنفس في ظلال كثير من عباد الله، لأن مفهومه للرحمة يكون سببا في عدم الغضب لله والفرح لله لا لأمر آخر، وثالثا يبارز ص احب هذا المقام في زمانه فيستحق بذلك غضب الله،لأنه بارز وليا لله।

هذه النقاط الثلاث تعتبر استدراجات تحدث في سائر المقامات، لكن كل مقام لها فيه تجلي مختلف।


وأشار بالثانية بقوله: والعصمة। يعني الحفظ الألهي والعصمة الربانية،كما كان موروثه صلى الله وسلم عليه وآله، إلا أنها في حقه عليه السلام واجبة، وفي حق وارثه جائزة، ولا تفارقه في الغالب فلا يتجاوز حدا ولا ينقص عهدا أقيم في مقام الهيبة والوقار، ملجم بلجام الشرع فيما يأخذ ويدر، متأدبا بآدابه، في حركاته وسكانته، وهذا الحفظ لا يختص بعاداته بل هو عام في عاداته وعباداته، فيكون في جميع ذلك جاريا على منهاج الشرع القويم، والصراط المستقيم، مجبور على ذلك لأن حركاته وسكناته بالله لا بنفسه، فبالله ينطق ومنه يسمع، وبه يبطش، فهو معصوم بعصمة الله، محفوظ بحفظ الله।

قلت:  قال لسان الحال:  كل ميسر لما خلق الله، للرسول عصمة، للنبي عصمة، للوصي عصمة، للإمام عصمة، للغوث عصمة، وللفرد عصمة... كل ميسر لما خلق له।

قال الخاطر: وقع الإختلاف هنا، لأنه لكل طوره الذي لا يمكنه تعديه في سائر عوالمه الجسمانية والنفسانية والروحية والعقلية فافهم।



وأشار إلى الثالثة بقوله: والخلافة؛ أي الخلافة التي توارثها الأنبياء من آدم إلى نبينا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله، ثم بعد ذلك توارثها الأقطاب الربانيون قطب عن قطب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فالقطب خليفة بالخلافة النبوية، نائب في الوجود من مستخلفه، فقد بايعته الأرواح وانقادت إليه الأشباح فجلس على كرسي الخلافة وبساط النيابة، فالوجود تحت خلافته والأكوان أُذعنت لإمارته، فهو يتصرف فيها ثصرف الملك في مملكته، والأمير في رعيته।

قلت: قال لسان الحال: خلافة بساط النيابة تحت الخلافة في نفس دائرتها فافهم


وأشار إلى الرابعة بقوله: والنيابة؛ أي يكون نائبا عن الحق، في تصريف الأحكام، والنقض والإبرام حسبما اقتضته الحكمة الإلهية، وفي الحقيقة ما ثم إلا القدرة।

قلت: قال النائب في آخر زمانه لمحة شاذلي وقته زروق أعني:

فإن كنت في كرب وضيق ووحشة ــــــــ فنــــاد أيا زروق آت بــــسرعتي
فكم كربة تجلى بمكنون عزنـــــــــا ــــــــ وكم طرف تُجنى بإفراد صحبتي


وأشار إلى الخامسة بقوله: ومدد حملة العرش العظيم، يعني أن الله تعالى يمد هذا القطب العارف بما أمد به حملة العرش، من القوة والمكنة، فهو حامل عرش الأكوان كما أن الملائكة حملة عرش الرحمن، فيكون له من القوة ما يحمل به ما كلف بحمله كما يحمله العرش، وهذا لا يكون إلا لمن أمده الله بمدد اسمه القوي، فيكون حاملا محمولا، حاملا في الظاهر محمولا في الباطن।

قلت: مدد قوة به صارت العوالم في طي القبضة محمولة بمُكنة سر قوله تعالى ويحمل عرش ربك يومئذ।

يتبع

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق