مواضيع المدونة

السبت، أبريل 18، 2009

معاني وآداب حول الذكر

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله




قال سيدي محمد بن عبدالرحمن بن عبدالقادر الفاسي قدس الله سرهم ونفعنا ببركتهم :" وللذكر آداب خمسة سابقة وهي : التوبة والغسل والسكوت ، وان يستمد بقلبه عند شروعه بهجة شيخه ، اذ قلب شيخه يحاذي قلب شيخ شيخه ، الى الحضرة النبوية ، وان يرى استمداده من شيخه هو استمداد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو نائبه .

واثنا عشر في حال الذكر : الجلوس على مكان طاهر كجلوسه للصلاة ، واستقبال القبلة ، وان يضع راحتيه على فخذيه ، مع سدل الكمين ، وتطييب مجلس الذكر بالرائحة الطيبة ، وتنظيف السر والقلب مما سوى الله ، ولبس اللباس الطيب حلا ورائحة ، واختيار بيت مظلم ، وتغميض العينين ، وان يخيل خيال شيخه بين عينيه ، والصدق : وهو استواء السر والعلانية ، والاخلاص : وهو تصفية العمل من كل شوب ، وقيل : هي ان يريد بطاعته التقرب الى الله سبحانه ، وان يختار من الذكر لفظة " لا اله الا الله " مع التعظيم بقوة تامة جهرا ، واحضار معنى الذكر بقلبه مع كل مرة ، ونفي كل موجود من القلب ب :" لا اله " ليتمكن تأثير : " الا الله " بالقلب ، ويسري الى الاعضاء ، لما قيل :" ينبغي للرجل اذا قال :" الله " ان يهتز من فوق راسه الى اصبغ قدميه ".

وثلاثة بعد الفراغ : اذا سكت يسكن ويخشع ويخضع مع قلبه مترقبا لوارد الذكر ، فلعله يرد عليه ، ويعمر وجوده في لحظة ، ما لا يعمره بالرياضات والمجاهدات في ثلاثين سنة، وان يذم نفسه مرارا ، لانه اسرع للتنوير في البصيرة ، وكشف الحجب ، وقطع الخواطر ، النفس ، والشيطان ، والسكون ، والا يتحرك منه شيء كالهرة عند اصطياد الفأرة ، ونفي الخواطر ، وان يجري على لسانه اسم من اسماء الله تعالى فلعله يرد عليه فيعمر قلبه في لحظة ، مالم تعمره المجاهدة في ثلاثين سنة ، ومنع شرب الماء عاجلا ، ولا بد من تطابق الاصوات ، واتحاد الاحرف في النطق بها .

وهذا على الجملة والا فكل طائفة لها ذكر مخصوص ، وكيفية مخصوصة ، والكلام في الذكر راجعه في محله .

وله ثمرات منها : انه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ، ويمنعه ، ويرضي الرحمان ، ويسخط الشيطان ، ويزيل الهم والغم من القلب ، ويجلب الفرح والسرور ، ويذهب الترح والشرور ، ويقوي القلب والبدن ، ويصلح السر والعلن ، ويبهج القلب والوجه وينوره ، ويجلب الرزق وييسره ، ويكسي الذاكر مهابة ، ويلهم به في كل امر ، ومن لم يزل لسانه رطبا بذكر الله ، واتقى الله في اوامره ونوهيه ، وجبت له دخول جنة الاحباب ، واقتراب من رب الارباب ، والملائكة تستغفر للعبد اذا لزم الذكر والحمد ، والبقاع والجبال تباهي بمن يذكر الله عليها من الرجال ، وهو سنة المومن الشاكر ، وللذاكر لذات احلى من المطعومات والمشروبات ، ووجه الذاكر وقلبه يكسى في الدنيا نضرة وسرورا ، وفي الاخرة اشد بياضا من القمر والنور ، والذاكر حي وان كان ميتا ، والغافل ميت وان كان حيا ، انتهى .

ونحوه في " حسن التلقي في السير والترقي " لسبط المرصفي المتوفي ( 966 هـ )حين ذكر آداب الذكر ، قال : " والرابع :ان يشهد بقلبه عند شروعه في الذكر بهجة شيخه ، ولو نادى شيخه بلسانه في الاستغاثة عند الاحتياج جاز ، واذا ابتدأ في الذكر يحضر صورة شيخه في قلبه ، ويستمد منه اذ قلب شيخه يحاذي قلب شيخ شيخه ، الى الحضرة النبوية التي منها يحصل الامداد للمستمدين .

والخامس: ان يرى استمداده من شيخه هو استمداده من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لان المشايخ نوابه ".

ثم ذكر الآداب التي في حال الذكر ، قال : " وان يغمض عينيه عند الشروع في الذكر ،فإنه اجمع لحواسه الظاهرة والباطنة ، وان يخيل خيال شيخه بين عينيه وهو آكد الآداب ".

قال سيدي علي بن ميمون ( قدس سره ) :" ويجب ان يعرف أن من آداب الطريق : استحضار الشيخ في قلبه حين الذكر ، فإن ذلك إعانة على كف الخواطر عنه ، وطرد الشيطان فإن الشيخ للمريد جعله الله له بابا لرحمته يرزقه منها ، وفي الحديث " من رزق من باب فليلزمه " فلا يجوز ان يخالف نبيه ، لأن هذا منه عليه السلام امر يجب قبوله " .


عن كتاب : المنح البادية في الأسانيد العالية والمسلسلات


الزاهية والطرق الهادية الكافية لأبي عبدالله محمد الصغير الفاسي


(ت1134هـ)

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق