مواضيع المدونة

الخميس، أبريل 19، 2012

ما افاده الكمل من ضبط كليات مهمات العلم والعمل وفيه طرق الجزء 2


 بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على سيدنا محمد و آل سيدنا محمد



قال سيدي محمد بن حمزة الدمشقي الفناري  المعروف بآق شمس الدين قدس سره فيما افاده الكمل من ضبط كليات مهمات العلم والعمل وفيه طرق في كتابه مصباح الأنس بين المعقول والمشهود:



- لا الحقيقي - ويظهر حكم الوحدة في سمعه وبصره أيضا، فلا يرى كل ما يرى الا حسنا جميلا ولا يسمع الا كذلك، لتجرد فعل الله الوحداني الساري في جميع الأشياء في نظره، وهذا هو التجلي الفعلي والتوحيد الفعلي، وربما يقع للسالك ههنا ميل حبى بحكم مناسبة فعلية ونسبة جميعة إلى بعض المظاهر الحسية الحسنة من الصور الانسانية التي هي اشمل المظاهر حسنا وجمالا وكمالا، والتجلي الفعلي لا يكون ابدا الا في مظهر. فمن (1) هنا ابتداء القصيدة التائية لابن فارض.

152 - 2 فنقول: إذا فنيت عن نفس السالك في هذه المقامات التسعة حجب الكثرة وظهرت وحدتها، انتقلت عن مقام الاسلام إلى باطنه الذي هو نور حدقة الايمان.
153 - 2 ولما كانت العلاقة بينها وبين الروح والسر قوية جدا في هذه النشأة، ولكل من الثلاثة نشأة مخصوصة به، فنشأة النفس حسية وحكمها في مرتبة الاسلام، ونشأة الروح غيبية اضافية وحكمها مختص بباطن الايمان، ونشأة السر غيبية حقية وحكمها مختص بمقام الاحسان، ونشأة كل واحد غربة بالنسبة إلى غيره، وكل نشأة غلب اثرها كان صاحبها مستتبعا صاحبه، لا جرم (2) كانت النفس في مقام الاسلام مستتبعا صاحبه في رجوعها إلى مولاها.
154 - 2 فلما انتهى سيرها بظهور وحدتها، آل أمر السير إلى الروح وتحققها بحقيقة الايمان بإزالة خفايا احكام انحرافية باقية في الروح - وان زالت عن النفس - وذلك لتأثر المنطبع من الأثر الحاصل في المرآة، فيشرع الروح في السير لازالتها واستتبعت النفس دفعا لتوقع الشر، والسير (3) جلبا للنفع، فوقعت النفس في غربة.
155 - 2 وهذه المرتبة الايمانية لها ركنان:
156 - 2 أحدهما قسم الأخلاق (4) التي هي بمثابة الشروط في الصلاة، وثانيهما قسم

(1) - خبر مقدم قوله: ابتداء القصيدة، ابتداء مؤخر - ش (2) - جواب لقوله: ولما كانت العلاقة - ش (3) - عطف على النفس، تدبر - ش (4) - قسم الأخلاق: الصبر - الرضاء - الشكر - الحياء - الصدق - الايثار - الخلق - التواضع - الفتوة - الانبساط.
أصول الطلب المترتب عليها الوجدان، فاعم الأخلاق حكما، الصبر الذي لا يتم شئ من المقامات والأعمال والأخلاق والأحوال الا به، وحقيقته حبس النفس على الطاعات، ثم على ترك رؤية الأعمال وترك الدعوى مع مطالبة الباطن ذلك، وعلى الاعراض من اظهار العلوم والأحوال وكل ما يبدو للروح من المواجيد والاسرار، ثم حبس السر والروح عن الاضطراب في كل ما يبدو من الالهامات والواردات والتجليات والثبات على ذلك، ثم على مقاساة البلايا لرؤيتها، رافعة للحجب الرقيقة النورانية حتى يصير كل محنة بتلك الرؤية منحة (1) ويصير وظيفته شكرا بعد إن كان صبرا.
157 - 2 وثانيها الشكر على نعمة التخليق أولا وعلى الهداية ثانيا وعلى التأييد في أداء حقوق الطريق ثالثا وعلى البلوغ إلى رتبة التحقيق رابعا، ويندرج فيه الصدق والتواضع والحياء والخلق والايثار والكرم والفتوة.
158 - 2 وثالثها الرضاء وهو وجدان نفس السالك وروحه وسره، كل (2) ما يقع في الوجود صادرا (3) من الله تعالى، مطابقا (4) لمرادها، فلا يكره شيئا الا ما يخالف الشرع، فيكرهه بلسان الشرع موافقة له، لا من كونه فعل الله العليم الحكيم.
159 - 2 ثم نقول: إذا تحقق السالك بهذه الأخلاق، نحت أثقاله فيسرع مجدا في سيره كسائر حصل مقصوده بمرأى منه فيكون محققا لمقامات الأصول (5) التي بمنزلة الأركان للصلاة، وتلك أربعة:
2 أولها القصد الصحيح في التوجه عن بصيرة وطمأنينة بحكم التجرد عن كل ما يعوقه، فإذا قصد ربما يعتريه نوع التفات إلى اثر من اثار ما انقطع يجره (6) إلى وراء، مع
(١) - لرؤيته ان تلك البلايا نعم عظيمة ويجب الشكر على النعم - ش (٢) - مفعول أول للوجدان - ش (٣) - حال عن فاعل يقع أو هو أيضا مفعول، تدبر - ش (٤) - مفعول ثان - ش (٥) - قسم الأصول: القصد - العزم - الإرادة - الأدب - اليقين - الانس - الذكر - الفقر - الغنى - مقام المراد. (6) - صفة لقوله: نوع التفات أو لقوله: اثر - ش


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوة باعث السير، فيحتاج إلى تقوية الباعث بقطع ذلك الأثر ويسمى عزما، وهو الأصل الثاني، فالقصد يقويه (1) الإرادة الباعثة على الجد في السير، والعزم يقويه (2) الأدب الذي يظهر الخوف بصورة القبض، والرجاء بصورة البسط، ويراعى التوسط بينهما، فان اجتلاء قرب المقصد مما يوجب بسطا، يوجب اقدامه واستقبال (3) حضرة المحبوب، وهيبته (4) يستلزم قبضا يوجب احجامه والأدب بحفظ التوسط، ولذا يقوى العزم، فإذا صح عزمه ورقت حجب خلقيته وانقطع تلفته إلى الاحكام الكونية الموجبة للجهد والتودد، يظهر حكم الأصل الثالث وهو اليقين من حيث رتبته الثانية التي هي عين اليقين، ومعناه السكون بالاستغناء عن الدليل بشهود الفعل الوحداني الساري في كل شئ، وعلم اليقين السابق معناه السكون بما غاب، بناء على قوة دليله، وهو متعلق بمرتبة الاسلام وهذا بالايمان. واما حق اليقين: فباسفار (5) التجليات الصفاتية أولا وطلوع الشمس الذاتية في المرتبة الاحسانية، ويدخل في هذا القسم من اليقين الانس والذكر الباطني.
161 - 2 فإذا وصل الروح إلى هنا تخلص عن جميع قيود الانحرافات وظهر تجلى وحدة الفعل المضاف إلى ربها، وانتفت اثار المغالبة الواقعة بين رتبة السر والروح والنفس، فيصل حكم (6) ولا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فيلقى السائر عصى تسياره وينتهى كربة غربته وأستاره، يتداركه الآثار الحبية فينقله من مقام الكون والبون إلى حضرة الصون والعون، فيتحقق بالفقر الذي هو الأصل الرابع، وهو الخلو الحقيقي عن جميع احكام الغيرية - حتى عن رؤية الخلو وعن نفى تلك الرؤية أيضا -

(1) - تقوية - ط - الضمير راجع إلى القصد مفعولا والإرادة فاعل - ش (2) - تقوية - ط - الضمير راجع إلى العزم مفعوله والأدب فاعله - ش (3) - عطف على اقدامه - ش (4) - عطف على اقدامه أو عطف على اجتلاء اسم ان، وخبره قوله: يستلزم قبضا... إلى اخره، وهيبته عطف على استقبال... إلى اخره وضميره راجع إلى المحبوب، أي استقبال المحبوب وهيبته يستلزم قبضا... إلى اخره أو هيبته عطف على الاجتلاء والضمير راجع إلى قرب المقصد - ش (5) - الاسفار اضائة نور الصبح وافنائه لظلمة الليل، فاستعير هنا لاستيلاء نور التجلي الإلهي على ظلمة رسوم الكوني - ش (6) - بإضافة لفظ حكم إلى قوله: ولا يزال - ش


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


لان اشتقاق الفقر من ارض قفراء - على القلب - (1) لانبات فيها أصلا.
162 - 2 ولما كان نسبة الفاعلية إلى الروح أقوى، لشدة ارتباطه باحكام الوجوب، ونسبة الانفعال إلى النفس الحيوانية أشد لقوة ارتباطها بالحضرة الامكانية، وقد شاهد كل منهما من السر تعلق ظهور كماله الخصيص (2) بالآخر (3)، فحن الروح إلى النفس حنين الزوج الراضي إلى زوجته الموافقة وبالعكس، فامتزجا بكل ما يتضمن كل منهما من اثار الوحدة الاعتدالية امتزاجا بطور اخر، فتولد بحكم اجتماعهما من مشيمة جمعية النفس ولد قلب حقيقي جامع بين جميع احكامها واحكام السر - ظهور ولد بار بوالديه - وصار هذا القلب الجامع التقى، النقي عن احكام الانحرافات، مرآة ومجلى للتجلي الوحداني الصفاتي، فيشمل هذا التجلي جميع قواه الظاهرة، فانشق رابع ابطن سمعه وبصره ونطقه، وحينئذ يكون السائر متخطيا جميع المراتب الكونية وداخلا في مبدأ الحضرات الحقية المسمى بمقام الاحسان (4) وبانت له حقيقة كنت سمعه - إلى اخره.
163 - 2 ثم نقول: فعند ذلك ترقيه المحبة الإلهية من مرتبة اسم إلى مرتبة اسم اخر أعلى منه حيطة وكلية وتسير به في وادى وصف واثر من علم وحكمة وبصيرة (5) قلبية سرية - لا عقلية أو روحية - ووادي فراسة تفرس فيها المغيبات الشاردة عن الافهام سره (6) بديهة - لا نظرا واستدلالا - ثم في وادى الالهام عند رجوع سره إلى حكم المظهر وحجابيته، والالهام علم رباني وارد على القلب، منصبغ بحكم الحال الغالب حالتئذ، ثم في

(١) - أي الفاء بالقاف والقاف بالفاء، أي كون القاف مكان الفاء والفاء مكان القاف - ش (٢) - صفة الكمال - ش (٣) - متعلق بالتعلق، أي تعلق ظهور الكمال المخصوص لكل منهما بالآخر، أي توقف ظهور الكمالات الخاصة لكل منهما على الاخر - ش (٤) - قسم الأودية: الاحسان - العلم - الحكمة - البصيرة - الفراسة - التعظيم - الالهام - السكينة - الطمأنينة - الهمة. (٥) - أي بصيرة قلبية يحصل من مقام السر وهو ارفع مقام للقلب، لان القلب يترقى من مقامه بنور العقل والبصيرة، إذ حصل ما يحصل فيه بالكشف، والعقل يحصل العلم بالفكر والروية، فإذا ترقى مقام القدس والهداية الشرعية صار بصيرة، ونهاية البصيرة مقام السر الذي يحصل ما يحصل منه بالكشف - ش (6) - فاعل تفرس، وقوله: المغيبات مفعوله، فان الفراسة هو ابصار حكم الغيب من غير استدلال بشاهد، كالاستدلال بالدخان على النار وبالبرق على المطر، ولا اختبار بتجربة - ش - بداهة - ل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وادى طمأنينة السر عقيب اضطراب حاصل من هيبة أو دهشة بين احكام جلال الغيب، ثم في وادى سكينة واقعة عند تردد من اثر تلك الأحكام، ثم في وادى همة مثيرة (1) شدة انتهاض إلى معالى الأمور واطلاقها.
164 - 2 ثم نقول: بعد قطع هذه الأودية يظهر (2) هذه الحقيقة الحبية الغالب حكمها على سر هذا السائر بموجب: فإذا أحببته، في قلبه (3) وسره ونفسه وروعه، خواصها (4) وشئونها المتفرع بعضها عن بعض، لإزالة خفايا بقايا قيود كل واحد منها بأوصاف مختصة لا يطلع السيار عليها البتة، ولإزالة (5) عين تعينه وتقيده به أيضا، وعبر (6) عن كليات تلك الخواص (7) بعض المحققين بقسم الأحوال (8).
165 - 2 فاولها الغيرة المقتضية إزالة الغيرية ونفض اثار الخلقية عن أذيال الحقية، ثم الشوق الذي هو اثر الغيرة وبه هبوب قواصف قهر المحبة لشدة ميلها إلى الحاق المشتاق بمشوقه والعاشق بمعشوقه، ثم القلق وهو ظهور اثر الشوق في المشتاق بحصول اضطراب قوى وحركة مزعجة معنوية لرفع الحائل الذي هو عين تعينه وتميزه، ثم العطش الحاصل فيه

(1) - أي المثيرة انتهاضا شديدا فهو، أي انتهاضا، مفعول مطلق من غير لفظة والمعنى انه هم همة، متعلقة بالحق تعالى وتتصاعد عن الأحوال ولا تتعلق بالوسائط التي هي واردات تتأثر بها نفس السالك أو تجليات نورية من المواهب، كالشوق والوجد والبرق والذوق وأمثالها، وعن المقامات، كالتوكل والرضاء والتفويض وأمثالها، وتستحقر الثواب وأجور الأعمال، وكذلك درجات الجنان والمنازل الرفيعة، ولا تقصد أيضا تجليات الافعال والصفات والأسماء ولا تقف عندها، بل تجاوزها وطلب التجلي الذاتي والفناء في الأحدية، وهذه الدرجة الكاملة التامة الأخيرة من الهمة تطلب أعلى المقام والمراتب، كما أن الدرجة الأولى من الهمة هي الاعراض عن الأمور الزائلة الفانية الشهوانية وطلب الأمور الأخروية الباقية الثابتة، تدبر - ش (2) - وهذه الحقيقة فاعل يظهر من باب الافعال - ش (3) - متعلق بيظهر - ش (4) - مفعول يظهر والضمير راجع إلى الحقيقة الحبية - ش (5) - تعليل اخر لاظهار الحقيقة الحبية خواصها، وضمير تعينه وتقيده راجع إلى السائر وضمير به راجع إلى التعين ولإزالة نفس تعين السائر وتقيده بالتعين أيضا، كما لإزالة الخفاء المذكورة في إحدى النسختين الموجودتين عندنا، نعم قد ولإزالة تعينه وتقيده به أيضا كان سائلا يسأل انه بعد اظهار الحقيقة الجلية خواصها وشئونها، هل تزيل نفس تعين السائر وتقيده بالتعين؟ فأجاب بقوله: نعم قد لإزالة عين تعينه... إلى اخره، فافهم واغتنم - ش (6) - كلام مستأنف - ش - عبر - ل (7) - أي خواص الحقيقة الحبية - ش (8) - قسم الأحوال: المحبة - الغيرة - الشوق - القلق - العطش - الوجد - الدهش - الهيمان - البرق - الذوق


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


من اثر تلك الحركة المزعجة يوجب كآبة وحرقة لا يرويه الا قطرة من سلسبيل العناية، ثم وجدان السر (1) اثر (2) الألم والقهر من ذلك القلق بحيث يكاد (3) يفنيه ذلك عن تعينه، ثم الهيمان الذي هو تحقيق الغيبة من اثر الوجدان، (4) ثم البرق وهو لائح اطلاق مددي مترتب على تلك الغيبة من اثر التعين، قاهر وساتر ظلمة تلك الأثر بالكلية، ثم الذوق وهو قطرة مطرة نازلة من ضمن ذلك البرق من الحضرة العمائية مستدعية تسكين حرقة العطش المذكور.
166 - 2 ثم نقول: فهذه أحوال مرقية سير السائر ومنقله من الحضرات النازلة الجزئية إلى الحضرات الرفيعة الكلية مما اشتمل عليه الاسم الظاهر الذي حكمه رؤية الوحدة الوجودية في عين الكثرة الظاهرة بالنفس، وبمقابلة إزالة القيود الجزئية يزداد سير السيارة قوة وقدرة في مدارج نهايات الأطوار.

(١) - إضافة الوجدان إلى السر هي الإضافة إلى الظاهر - ش (٢) - بالفتحات الثلاث مفعول للوجدان، أي وجدان سر السائر اثرا نورانيا يوجب القلق والألم ويبعث الشوق إلى شدة الطلب، فان الوجد كما حقق (خص) لهب نوري تشتعل من شهود عارض مقلق أي كشف دفعي الوجود يبدو بغتة فيقلق صاحبه.
وبعبارة أخرى: الوجد نور من أنوار الأحوال المشوق مقلق داع إلى الترقي في الأحوال والمواهب، سواء كان ذلك الأثر اثرا صوريا حسيا - كما في الكشف الصوري المثالي - أو معنى معقولا - كما في الكشف المعنوي العقلي - أو نورا من أنوار الذاتية الأزلية - كما في التجلي الأسمائي والذاتي - تدبر تفهم. ويمكن ان يجعل إضافة الوجدان إلى السر هي الإضافة إلى المفعول، على أن يكون السر بفتح السين المهملة بمعنى السرة والسرور، لا بالكسر كما في السابق، وقوله: اثر الألم - بكسر الأول وسكون الثاء المثلثة - أي وجدان السائر السرة والانبساط عقب الألم والقهر الحاصل من ذلك القلق لأجل مشاهدته ذلك العارض النوري على التامة المذكورة سابقا، فافهم - ش (٣) - متعلق بالوجدان ثم يحصل الهيمان والغيبة لأجل الوجدان ثم يلمع البرق وهو أول ما يبدو من أنوار التجليات من اثر التعين، فيقهر ويستر ذلك البرق ظلمة اثر التعين الامكاني بالكلية فيدعوه إلى الدخول في طريق الولاية، فهو نور من أنوار الأحوال وداع إلى الدخول في الولايات، فالبرق مبدأ الاخذ فيها فهو أنور واجذب من نور الوجد، لأنه - أي الوجد - داع إلى الترقي في الأحوال وشوق مقلق ومبق للوجود، لأنه باعث على الطلب والسعي - بخلاف البرق - فإنه محرق جاذب مفن. فقوله: مترتب، خبر بعد خبر، وقوله: من اثر التعين، صلة للغيبة، وقوله: قاهر، صفة لائح، وكذلك قوله: ساتر، أو خبر بعد خبر، والمراد من المدد الاطلاقي هو الوجود الحقاني والفيض الانبساطي النوراني الذي به يظهر ويتحقق مقام الولاية، والبرق بدايته وأول ظهوره، فلذا قال: وهو لائح، اطلاق مددي، تدبر وافهم واغتنم، فان فهم المرام في ذلك المقام في غاية الصعوبة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء - ش (4) - أي الفناء عن اثر الألم والقهر الحاصل في حال الوجدان، والفرق بين الوجدان والهيمان كالفرق بين الفناء والفناء عن الفناء - خ - الوجد - ل


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


167 - 2 فسمى بعضهم هذا التقوى قسم الولاية، (1) فتلحظ السر (2) بتلك القوة عينه بجميع كمالاته وتلحظ نهايته النسبية أو الحقيقية (3) والمحل (4) المعنوي الذي يحصل اللحظ فيه وهو باطن الزمان المسمى بالوقت، وهو الحال المتوسط بين الماضي والمستقبل، وله الدوام (5)، وهو (6) الذي كان جميع المعلومات فيه في الحضرة العلمية، وكل معلوم كان حاصلا في حصة معينة منه مع توابعه وإضافة الوجود إليه أيضا متعلق فلحظ سر هذا (7) السائر كان متعلقا (8) بوقته وبما يقتضيه وقته، وحينئذ يصفو حاله عن اكدار الأغيار (9)، فكان اللحظ والوقت والصفاء من مقاماته (10) ويكون عند ذلك ملتبسا بالسرور (11) بذاته ووقته وصفاته.
168 - 2 وإذا كان حاصلا في الحال الذي هو لا زمان بالنسبة إلى شهود الأغيار كان حاله (12) السرار بحكم الوقت، فلا يطلع عليه غير الله، وإليه يشير قوله صلى الله عليه وآله حكاية عن ربه: أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري، فيكون هذا الولي الصاحب للسر

(١) - قسم الولايات: اللحظ - الوقت - الصفا - السرور - السر - النفس - الغربة - الغرق - الغيبة - التمكن - الولايات - ل (2) - السر فاعل لحظ، قوله: عينه، مفعوله، ويحتمل ان يكون الامر بعكس ذلك، والأول هو الأصح، ويدل عليه قوله فيما بعد، فلحظ سر هذا السائر كان متعلقا بوقته - ش (3) - أي يلحظ السر بقوة نور الولاية عينه الثابتة بجميع كمالاته ويلحظ نهايته النسبية التي هي الوجود الإضافي والفيض المقدس الاطلاقي أو الحقيقة التي هي في الحضرة العلمية والواحدية، أي يلاحظ عينه الثابتة في الحضرة العلمية ويلحظ الحضرة العلمية من حيث ترتيبها الوجودي الترتبي الذاتي التي هي روح الترتب الواقعي في عالم الدهر الذي هو روح الترتب الزماني والتغير والتصرم الكوني في العالم المادي والامتدادي وهو وقته الذي يحصل التجلي له فيه - خ (4) - والمراد منه هو الحضرة العلمية من جهة الترتيب الذاتي فيها تكون منشأ الزمان وباطنه - ش (5) - قوله:
وهو الحال المتوسط، أي الزمان الحال المتوسط، والضمير في قوله: وله الدوام، يمكن ان يرجع إلى الحال ويكون هذه الجملة معترضة مفسرة للزمان - لا لروحه - وضمير هو راجع إلى روحه الذي هو الوقت، ويمكن ان يكون المراد بالحال روح الزمان على أن يرجع الضمير إلى الوقت، وعلى هذا في اطلاق الماضي والمستقبل على الحقائق السابقة في الحضرة العلمية واللاحقة فيها مسامحة من باب اتصاف مظهرها الذي هو الزمان بهما - خ (6) - أي الوقت، وضمير فيه راجع إلى الموصول الذي هو الوقت - ش (7) - خبر كان - ش (8) - وهو المغلب لحكم الحال على حكم العلم الموقع في التلوين، وكلما صفا الوقت فقط التلوين، فالوقت هو حالة استغراق العبد في الحق وتلاشيه فيه وشاهدته الحقائق في الحضرة العلمية - ش (9) - بروح نسيم الاتصال - ش (10) - قوله: وحينئذ يصفو، أي في هذا الوقت الذي يستغرق فيه نهاية الأطوار يصفو ويخلص عن الأغيار - خ (11) - بذهاب خوف الانقطاع وضحك الروح - ش (12) - أي استسرار حال العبد عنه فلا يعلم ما هو فيه للطفه ودقته - ش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذه الحالة صاحب نفس واحدة ويظهر اثر نفسه في نفسه (1) بحسب حالة حجابية، واستاره لاعدام كل صورة ترجحت حجابه وستره وبعده، وإيجاد صورة مستلزم كشفه وتجليه وقربه، ويظهر ذلك الأثر بحسب حالة كشفه وشهوده وتجليه باحياء القلوب الميتة كما ورد من قوله صلى الله عليه وآله: انى لأجد نفس الرحمان من قبل اليمن، وبايجاد صورة في موضع واعدامها في اخر، وفيه قوله تعالى: انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك (40 - النمل) 169 - 2 ومن (2) هذا حاله يكون في الغربة مع الخلق بصورته، بائن عنهم بمعناه وسريرته، راحل عنهم إلى أوطانه، قاطن فيهم في مقر حدثانه، فيكون في مقام الغرق (الفرق) في لجة بحر القرب في غيبة عن الاحساس (3) بالروح والنفس واللب، فيدخل باب التمكين بحيث لا يتأثر من التلوين، وهو (4) التغير بغلبة بعض التجليات الأسمائية على البعض.
170 - 2 واعلم أن للتلوين والتمكين ثلاث مراتب:
171 - 2 الأولى من حيث التجلي الظاهري وهو تعاقب ظهور اثار الأسماء على قلب السائر متنوعة الاحكام (5)، متميزة الأوصاف فيحجب السائر (6) كل بخصوصيته عن احكام الاخر إلى أن يبدو بارق جمعية الاسم الظاهر ويقيم السيار في نقطة حاق وسطه الذي يكون نسبة جميع الأسماء إليه على السواء، فتلك النقطة هي مقام التمكين الذي لا يحجب صاحبها أحد.

(١) - بفتح الفاء، وهى روح يحدث بانجلاء غمام الاستسرار (٢) - لفظة من موصولة مبتداء وجملة يكون في الغربة - إلى اخره خبره، قيل: غربة العارف هي ارتفاع حجاب العلم عنده بالتجلي الشهودي واختصاصه بأمر لا يدركه اقرانه واكفائه، لان شهوده بحق على وجه المكاشفة، بل بالفناء في المشهود، فهو متفرد بهذه الرتبة عن الأكفاء، والتفرد عن الأكفاء غربة - ش (٣) - قوله: عن الاحساس متعلق بالغيبة، قوله: بالروح، متعلقا بيكون في مقام الفرق، والمراد بغيبته عن الاحساس، اما غيبته عن احساس الغير ونظره وادراكه إياه من حيث الباطن والمعنى، أو غيبة نفسه عن حاله بوجود شهوده من غير شعوره بحاله، ويحتمل ان يكون قوله: بالروح - إلى اخره، متعلقا بالاحساس وهو الظاهر، ويؤيد ذلك ما في بعض النسخ من لفظ الغنية بالغين المعجمة والنون والياء المثناة من تحت من الغنى - مكان الغيبة - تدبر - ش (4) - أي التلوين - ش - التلوين وهو التغير بغلبة بعض التجليات - ل (5) - حالان لقوله: اثار الأسماء - ش (6) - السائر بالنصب، مفعول يحجب، وقوله: كل، فاعله - ش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

172 - 2 الثانية من حيث التجلي الباطني كما قلنا في الظاهري.
173 - 2 الثالثة مرتبة الجمع والبرزخية بين الظاهر والباطن، فان احكام كل منهما بخصوصياتها يستلزم الاحتجاب عن احكام الاخر، والسائر في البرزخ بينهما يتمكن من الجمع بين احكامهما ويفرق بينهما، فلا يحجبه شأن عن شأن، وهذا هو مقام التمكين في التلوين، فالذي نحن فيه هو التمكين (1) في المرتبة الأولى.
174 - 2 ثم نقول: إذا تحقق الولي بهذا المقام تبدى له قسم الحقائق، (2) وذلك بانتهاء سيره الأولى المحبي - بعد تحققه بجميع ما يحوى عليه الاسم الظاهر من الأسماء - فيشرع في السفر الثاني المحبوبي، لرؤية كثرة التعينات النسبية المنسوبة إلى الشؤون الباطنة التي هي مرآة لوحدة الوجود العيني الغالب على الروح حكمها.
175 - 2 فان للوجود حكمين: أحدهما من جهة كونه مفيضا والغالب على الروح اثره، والاخر من جهة كونه مفاضا والغالب على النفس اثره، فوحدة شعاع الوجود العيني في النفس من كونه مفاضا، مرآة لكثرة احكام الحقائق الكونية، فكانت تلك الكثرة المنطبعة في المرآة ظاهرة ووجه المرآة خفيا - كما هو شأن المرآة المحسوسة - 176 - 2 واما في الروح: فكثرة شؤون الوجود العلمي الباطني النسبية التي صورتها الحقائق الكونية مرآة لوحدة الوجود العيني الظاهري، فالوحدة فيها ظاهرة وكثرة الشؤون باطنة.
177 - 2 ففي السير الأول يرفع حجاب حجب كثرة الاحكام عن مرآة وحدة الوجود، إلى أن يتجلى وحدة الوجود الظاهرة من عين كثرة النفس وصور العالم، ويظهر الكمال الحاصل للوجود الواحد بتلك الكثرة نزولا.
178 - 2 وفي السير الثاني يخرق حجاب وحدة الوجود العيني الغالب اثره على الروح

(1) - أي التمكين الذي في قسم الولايات وأشرنا إليه سابقا بقولنا: فيدخل باب التمكين بحيث لا يتأثر... إلى اخره والتمكين من حيث التجلي بالاسم الظاهر - ش (2) - قسم الحقائق: المكاشفة - المشاهدة - المعاينة - الحياة - القبض - البسط - السكر - الصحو - الاتصال - الانفصال


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عن مرآة كثرة الشؤون النسبية المضافة إلى الوجود العلمي الباطني، ليظهر التجلي الباطني بخصائص تلك الكثرة النسبية، وهى العلوم الغيبية والاسرار الإلهية، وبعد فتق الروح يحصل بين احكام حقيقته الكونية وبين احكام سره - أعني الوجود العيني المضاف - امتزاج وفعل وانفعال - كما جرى بينه وبين النفس أولا - لكن هنا ينسب الفعل إلى السر والانفعال إلى الروح، فيتولد من مشيمة الروح قلب قابل للتجلي الوجودي الباطني المشتمل على الشؤون وكثرتها النسبية، مع ظهورها التي هي الصور العلمية، ليتحقق بالسير في هذه الحضرة الباطنة بكليات الأسماء السلبية، فيدخل في مبدأ ظهور التجلي الباطني في قسم الحقائق فيظهر عليه وبه وفيه احكام هذا القسم.
179 - 2 واعلم أن الشاهد في هذا القسم سر وجودي ظاهري، والمشهود سر وجودي باطني (1)، بل يكون السر الظاهري مرآة للباطني والباطني باحكامه واثاره ظاهرا على الظاهري، لكن لا يخفى عينه واثاره عليه، بل يكون كل واحد منهما مرآة للاخر، فيظهر من بين ذلك حقيقة كل شئ وسرها - كما هو في حضرة العلم الوجوبي الأزلي بلا تغير -.
180 - 2 فأول (2) ما يبتدئ السر الباطني من وراء ستر رقيق من صفة أو حقيقة الهية

(1) - قوله: سر وجودي ظاهري: وهو عين العبد والمشهود هو الحق، ولما وصل العبد إلى مقام المحبوبية بحصول جمعية الأسماء الظاهرة يصير سيره باسراء الحق فيسير بقدمه، فان المحبوب مجذوب، فيقع المكاشفة بين الحق والعبد برؤية كل منهما جميع الأحكام والآثار في الاخر ويصير كل مرآة الاخر، الا ان هذا السير والاسراء يكون في بادئ الامر من وراء حجاب العقائد والتعلقات وغلبة بعض الأسماء فيكون المشهود أسماء مقيدة الهية في مرآة خلقي أو حقي مجرد أو مادي، كما أخبر الله تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام بقوله: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا...
إلى اخر المراتب والتدرجات والكمالات، ثم يخلصه عن المظاهر ويسيره في الظاهر، الا انه مع تميز بين الحق والعبد فيقع المشاهدة ثم يسيره حتى يعاين كل منهما الاخر بلا وصف وتميز، الا كون الحق ظاهرا بهوية العبد وباطنا إلى اخر المراتب والمقامات - خ (2) - قوله: أول، مبتداء خبره قوله: من اسم الهى مقيد، وقوله: السر الباطني من وراء مبتدئ، ويحتمل على بعد ان يكون من وراء ستر رقيق خبر للمبتدأ وبعده أيضا قوله: لسر ظاهري، وحينئذ يكون قوله: من اسم الهى بيانا لحجاب شفاف، ويمكن ان يقال إن قوله: السر الباطني... إلى اخره خبر للمبتدأ ولفظة ما حينئذ موصوفة بين الشئ أي أول ما يبتدئ في قسم الحقائق والسفر المحبوبي هو السر الباطني، تدبر، هذا ما خطر بالبال حين مقابلة ذلك الموضع وتصحيحه في طبع هذا الكتاب ولم يكن مسبوقا -

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أو كونية لسر ظاهري، ولكن من خلف حجاب شفاف من اسم الهى مقيد بحكم مختص بوصف، ويسمى ذلك مكاشفة، لانكشاف حقيقة كل منهما بحكمه ووصفه على الاخر.
181 - 2 ثم إذا بان كل منهما للاخر بلا مظهر حقيقة (1) وصفة، لكن مع تميز يسير علمي مدرج في كل منهما يسمى مشاهدة.
182 - 2 ثم إذا عاين كل منهما عين صاحبه بلا وصف وخصوصية - الا كون هذا ظاهرا والاخر باطنا - يسمى معاينة.
183 - 2 وإذا تجلى كل منهما للاخر بعينه ووصفه وخصوصيته - ولكن لا يحجبه الوصف عن العين - فهي حياة سارية فيهما، وتلك الصفة والخصوصية اما علم أو أمر جامع بينهما أو عين وجود منصبغ جميع النسب بصبغة، فيؤمن هذه الحياة كل واحد منهما من موت الاعتدال من الأحوال وموت الانفصال من هذا الاتصال وموت الغيلة عن أزل الآزال.
184 - 2 فإذا كانت هذه المقامات الأربع مقصورة عليه فهو في قبض، فإذا انبسطت حتى تخطى بواسطة اخر، فهو في بسط، وفي القبض والبسط معنى اخر هو انه إذا كان مدده في هذه الأمور من حضرة جلال الغيب واطلاقه ينطوى السائر في جلبات القبض بحيث لا يتفرع للادراك والنظر أصلا، وإن كان في عين الجمال، فيظهر في صورة خلق (2) وسؤال، فهو في بسطة حتى ربما يسكر من قوة الذوق فيتجاوز طوره (3) فإذا صحى تاب وذلك أعلى مقام التوبة. ثم يتواصل بالامداد عليه فهو صلة بالممد، ثم ينفصل عن الاتصالات المنتهى عن نوع من الانفصال. ثم ينفصل من رؤيتهما لكونهما عين الاعتلال (4)، وهذا كله من شعب المرتبة الثانية من التلوين.

- بتدبر وتفكر وتأمل حتى ارجع إليه ثانيا للتصحيح والتنقيه لضيق المجال وعدم مساعدة الحال، والتحقيق وتمييز الصحيح من السقيم موكول إلى نظر خلص الاخوان الشاركين في المشرب والمحتد - ش (1) - بالجر بإضافة المظهر إليهما، أو بالنصب على التميز - ش (2) - ملق - ل (أي: تملق) (3) - لسقوط التمالك من شدة الطرب - ش (4) - أي رؤية الاتصال والانفصال عين الاعتلال لبقاء آنيته المنافية للفناء الذاتي، وفي بعض النسخ اعتدال من التعديل، فالضمير راجع إلى الانفصالين - ش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


185 - 2 ثم نقول: إذا انتهى اخر هذا القسم وتحقق بمقام التمكين المختص به، تخطى حينئذ مقام التجلي الباطني وتصدى للدخول في حضرة جمع الجمع، لتحققه بحقيقة المعرفة التي هي الإحاطة بعينه وادراك ماله وعليه، وذلك مبدأ مقامات قسم النهايات (1)، وعند ذلك عرف حقيقة ان عليه بقية من حقوق الفناء في الفناء الذي هو إزالة قيد التقيد بحكم أحد التجليين الظاهري والباطني، بحيث لا يحجب كل عن الاخر.
186 - 2 فيتوجه حينئذ توجها حقيقيا إلى حضرة جمع الجمع مستمدا منها في ذلك باستعداده، فتداركته العناية الأزلية أولا بفناء معرفته المقيدة بأحد التجليين وثانيا: بفناء تعين كل منهما وتميزه في حضرة جمع الجمع، وثالثا: بالفناء عن شهود هذا الفناء، وذلك عند ظهور كل من الاسمين الظاهر والباطن بكمالاتهما إلى عين التعين الثاني والبرزخية الثانية، فيحكم البرزخية عليهما (2) بامتزاج وفعل وانفعال بينهما وبين احكامهما، فيتولد بينهما حقيقة قلب جامع مسخر بين الحضرتين هو (3) عين البرزخية الثانية، فيطلع من مشرق هذا القلب شمس التجلي الجمعي الذاتي الكمالي.
187 - 2 فان هذه البرزخية الثانية التي قلب هذا الكامل صورتها الحقيقية هي عين الحضرة الكمالية وميراثها، وهى أيضا عين المرتبة الثانية من مراتب التمكين، فلم يبق عليه اسم ولا رسم ولا إشارة تؤذن بحقيقة تميز وإضافة الا اثر خفى من حكم أحد كليات الأصول من الأسماء، فيتمكن السائر حينئذ من التلبس بأي لباس شاء وفي أي مظهر أراد (4)، ويتمكن من معرفة معروفه في أي صورة تجلى حقا وخلقا، وهذا هو مقام التلبيس وهو أعلى مراتب التمكين الذي هو التمكين في التلوين.

(1) - قسم النهايات: المعرفة - الفناء - البقاء - التحقيق - التلبيس - الوجود - التجريد - التفريد - الجمع - التوحيد. (2) - قوله: عين التعين الثاني: وهو مقام الواحدية كما أن التعين الأول مقام الأحدية، وإذا تولد القلب في هذا المقام من حكومة البرزخية عليهما يحصل مقام البقاء وأشار بقوله: فيطلع من مشرق هذا القلب - إلى اخره إلى مقام التحقيق - خ (3) - أي مظهرها - ش هو صورة عين - ل (4) - قوله: من الأسماء: أي من الأسماء الذاتية التي هي مفاتيح الغيب، فإنها لا تتجلى له في هذا المقام، بل هي مختفية بمقام الخاتمية صاحب مقام أو أدنى - خ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

188 - 2 ثم يتحقق بحقيقة الوجود الجمعي الذي به يجد المقصود في كل شئ (1) بحكم السريان في كل معدوم وموجود، ثم يتجرد عن جميع الملابس والمظاهر فيشهد ويشاهد بقلب غائب حاضر، وهذا أعلى مراتب التجريد، ثم يتفرد بان لا يشهد شيئا الا ذاته من حاق البرزخية الثانية وهو أعلى مقامات التفريد وعند ذلك يتحقق بحقيقة الجمع بين نفى التفرقة واثباتها، وذلك برؤية المجمل في تفصيله، والتفصيل في جملته في جميع المراتب الحقية والخلقية.
189 - 2 وبهذا يصح أعلى مراتب التوحيد ويتلاشى الحدوث في القدم والعين في العلم ثم يعود الانتهاء إلى الابتداء لاتمام الدائرة، فينصب عموم شواهد آيات للعامة أهل الشريعة، ورسوم قواعد هدايات للخاصة أصحاب الطريقة، وهجوم عوائد عنايات لخاصة الخاصة من أرباب الحقيقة، ليظهر عند الجمع علما وعينا وحقا وحقيقة: الامر كله لله منه ابتدائه وإليه انتهائه وإليه يرجع الامر كله، وهو الأول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم (3 - الحديد) وهذا كله من مقامات قاب قوسين.
190 - 2 واما مقام أو أدنى المختص بسير نبينا سيد الأولين والآخرين، فان ابتداء الشروع في السير فيه كان بعد الانتهاء إلى هنا وسره شهود كل شئ فيه معنى كل شئ، وكيفية حصول هذا السير: ان يتحصل بين الأسماء الذاتية التي هي مفاتيح الغيب واحكامها الوحدانية الثابتة في التجلي الأول وبين الأسماء الكلية الأصلية المتعينة في التجلي الثاني بعد ظهور كمالاتها الاشتمالية والاختصاصية أيضا في سيرها الأول ورجوعها بكمالاتها، اجتماع وامتزاج بحكم سراية المحبة الأصلية في كل منها ومن مظاهرها الروحانية والنفسانية، فيحصل من ذلك الاجتماع بتأثير الذاتيات في الصفاتيات والأصليات في الفرعيات ولد قلب تقى نقى إحدى جمعي محمدي، هو صورة عين البرزخية الأولى الأصلية،

(1) - والفرق بين هذا المقام، أي مقام الوجود ومقام التلبيس بالجمع والتفصيل، فان التلبيس من مقام التفصيل والوجود من مقام الجمع - خ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويتجلى فيه عين التجلي الأول له أحدية جمعية بين جميع الأسماء الكلية والجزئية والأصلية والفرعية والذاتية والصفاتية بحيث (1) لا يظهر غلبة شئ منها أصلا، فكان كل اسم منها مشتملا على الجميع - اشتمالا حقيقا في ذوقه وشهوده والنظر بعين قلبه - والإشارة إلى تلك الأحدية الجمعية قوله تعالى: أو أدنى (9 - النجم) 191 - 2 ولما كانت المحبة الأصلية الأولية هي عين القابلية وعين حقيقة الحقائق الأحمدية والبرزخية الأولى بين الواحدية والأحدية، لا جرم كان قبلة توجهها وتعلقها عين المزاج الأجمل والقلب الا عدل المحمدي صلى الله عليه وآله، اللذين هما محل كمال الاستجلاء الذاتي الاحدى الذي كان في الأول نوره، ولذا كان اسم حبيب الله من أخص أسمائه صلى الله عليه وآله وسائر ورثة علمه ومقامه أجمعين.

(1) - أي لا يزول ولا يخفى عليه شئ منها - ش


هناك تعليق واحد :

  1. ولكل من الثلاثة نشأة مخصوصة به، فنشأة النفس حسية وحكمها في مرتبة الاسلام، ونشأة الروح غيبية اضافية وحكمها مختص بباطن الايمان، ونشأة السر غيبية حقية وحكمها مختص بمقام الاحسان، ونشأة كل واحد غربة بالنسبة إلى غيره، وكل نشأة غلب اثرها كان صاحبها مستتبعا صاحبه، لا جرم كانت النفس في مقام الاسلام مستتبعا صاحبه في رجوعها إلى مولاها.

    الله الله الله الله

    ردحذف